3,844 عدد المشاهدات
الكاتب: جمال بن حويرب
لعلنا ونحن نذكر الله في هذا اليوم الفضيل الكريم أن نترحم على أهل الفضل، الذين سبقونا بالإيمان من شيوخ وعلماء وقضاة وصالحين، ومن كان لهم دور لا يزول ولو تغيرت الأيام بتعاقب الأزمان، ومن هؤلاء الأعلام :الشيخ الكريم صاحب الأيادي البيضاء الشيخ المر بن مجرن* بن سلطان المري “رحمه الله تعالى”، والذي سنتذكر اليوم شيئا من سيرته.
ولد سنة 1916م في منطقة (اللية) منطقة تابعة للشارقة في بيت رئاسةٍ وعلمٍ، ورثوه كابرا عن كابر، فهم شيوخ قبيلة المرر وهم علماؤها. والده الشيخ مجرن وجده الشيخ سلطان كان لهما مكانة مرموقة بين الناس، ومحل احترام وتقدير شيوخ الإمارات بسبب المكانة الاجتماعية أولا، وبسبب صلة القرابة، التي تربط عائلة آل مجرن بالشيوخ من آل نهيان وآل مكتوم ثانيا.
تربى الشيخ المر كما تربى آباؤه على حفظ القرآن، وتعلم العلوم الشرعية وتدرب على الصيد بالصقور، وقد عرف أجداده بالمهارة الفائقة في هذا النوع من الصيد فهم يعرفون انتقاء الطير، ويحسنون تدريبه، ولهم خبرة واسعة يتوارثونه في فنون الصيد ناهيك عن مهارة كبيرة في استخدام السلاح.
ومن حرص الشيخ مجرن بن سلطان على ولده الشيخ المر، ليتعلم العلم الصالح أدخله المدرسة الأحمدية، التي كانت قد فتحت أبوابها قبل سنوات معدودة من ولادته، والتي أقبل عليها الأهالي بحرص لتعليم أبنائهم العلم النافع، فدخلها الشيخ المر، ومكث سنوات ينهل من علومها.
تعلم الشيخ المر بن مجرن على يد الشيخ محمد نور بن سيف، والشيخ عبدالرحمن بن حافظ والشيخ السيد العبسي من اليمن، وغيرهم من أساتذتها الأجلاء. وكان ممن درس معه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والأستاذ عبدالله بن صالح بن حنظل، وغيرهم. ثم التحق الشيخ المر بن مجرن بوالده، الذي كان يعمل في “الطواشة” وهي مهنة بيع اللؤلؤ وقد تعلم كثيرا عنها من والده.
كان مجلسه مجلس علم وتاريخ وأدب، وكان يجتمع عنده العلماء وطلبة العلم ووجهاء القوم من قبيلته وغيرهم، وكان لا يرضى إلا بما ينفع ويفيد في مجلسه، ويردد كثيرا هذا البيت:
ننزعُ الجاهلَ منْ مجلسنا
فترى المجلسَ فينا كالحرمْ
وكان لا يحب أن يأكل وجبته إلا مع الناس في مجلسه، الذي لم يتخلف عنه إلا لسفر أو مرض أو حاجة ماسة ذهب لقضائها، ومن جميل ما مدح به قصيدة للأستاذ عبدالله بن صالح رحمه الله:
أيها الشيخُ الكريمُ من سما
للهدى أهلاً وسهلاً مرحبا
إنْ يطبْ قولاً نجدكم عندهُ
سببَ الالهامِ محمودَ النبا
ولكمْ في الافقِ ذكرٌ سائرٌ
عطرَ النشرِ يشقُّ السُّحبا
يا أبا مقرنَ إني بالثنا
لكمُ أديتُ ما قدْ وجبا
إنما الدنيا حديثٌ والفتى
من يكنْ فيها حديثاً طيبا
هذا وكانت وفاته في الرابع من رمضان من سنة 1995م رحمه الله وأدخله فسيح جناته.
نشر في البيان